أحدهما: أنه لم يكن علم فساده، بل ظنه صحيحا، ثم بين الله تعالى فساده. والنَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يجوز عليه الخطأ لكن لا يقر عليه، وغير النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يجوز عليه الخطأ ويقر عليه.
والوجه الثاني: أنه كان علم فساده، ولكن اضطر إلى ذلك العقد فعقده، واعتقد أنه لا يفي به ولكن اعتقد أنه يفي بموجبه وهو: رد المهر.
والاحتمال الثالث: أنه كان عقد الهدنة مطلقا من غير شرط رد المسلمات، ولكن العقد اقتضى الكف والأمان وأن نكف عن أموالهم ليكفوا عن أموالنا، والبضع يجري مجرى الأموال.
هذا ترتيب الشيخ أبي حامد. وقال المسعودي [في " الإبانة "] : هل كان شرط النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رد المسلمات؟ فيه قولان، وفائدة ذلك نذكرها فيما بعد إن شاء الله تَعالَى.
[فرع: عقد الهدنة لرد المسلمين المهاجرين]
] : ولا يجوز عقد الهدنة على رد من جاء من المسلمين منهم إلينا، ممن لا عشيرة له تمنع عنه. ويجوز عقدها على رد من جاء من المسلمين منهم إلينا، ممن له عشيرة تمنع عنه. ولا يجوز عقدها على رد من جاء من المسلمين منهم إلينا مطلقا؛ لأنه يدخل فيه من له عشيرة ومن لا عشيرة له؛ لأن من لا عشيرة له يخاف عليه أن يفتن عن دينه؛ ولهذا تجب عليه الهجرة. ومن له عشيرة تمنع عنه لا يخاف عليه أن يفتن عن دينه؛ ولهذا يستحب له أن يهاجر ولا يجب عليه؛ ولهذا المعنى:«فادى النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العقيلي بعد أن أسلم برجلين من أصحابه» ؛ لأن العقيلي كان له عشيرة تمنع منه.
ورُوِي: «أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أراد أن ينفذ أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى مكة عام الحديبية، فامتنع وقال: ليس لي بها رهط ولا عشيرة، وأراد أن ينفذ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فقال