قال الشافعي:(فإن ساروا به ستة عشر فرسخًا، كان له أن يقصر؛ لأنه قد تيقن طول سفره) .
وينبغي أنه إذا علم أنهم يحملونه إلى بلد يقصر إليه الصلاة، فإن كان ينوي أنهم متى خلوه رجع لم يقصر، وإن نوى أن يقصد ذلك البلد، أو غيره مما تقصر إليه الصلاة قصر.
وإن أبق له عبد، أو ضل له مال، فسافر لطلبه إلى بلد، تقصر إليه الصلاة، واعتقد أنه إن لقي عبده أو ماله دونه، رجع لم يقصر؛ لأنه لم يقطع على سفر طويل.
وإن نوى أنه لا يرجع وإن وجده جاز له أن يقصر؛ لأنه نوى سفرًا طويلًا، فإن وجده، ثم بدا له الرجوع صار سفرًا مستأنفًا، فإن كان بينه وبين بلده ما تقصر إليه الصلاة قصر، فإن كان دونه لم يقصر.
[فرع تعدد نية المسافر]
قال الشافعي في "الأم"[١/١٦٢ و١٦٦] : (وإذا نوى أن يسافر من بلده إلى بلد، ثم يسافر من ذلك البلد إلى بلد آخر، اعتبر حكم كل واحد منهما بنفسه) ، هكذا أطلقها الشافعي، والشيخ أبو إسحاق في " المهذب".
قال أصحابنا: وهذا يقتضي أن يكون المسافر قصد أن يقيم في البلد الأول أربعة أيام، وهذا مرادهما فيما أطلقا من ذلك.
فعلى هذا: إن كان بين بلده الذي سافر منه، وبين البلد الأول مسافة القصر، كان له أن يقصر، وكذلك إن كان بين البلد الأول والثاني مسافة القصر، كان له أن يقصر أيضًا، إذا خرج من البلد الذي وصله، وإن كان بين كل واحد منهما دون مسافة القصر، لم يقصر في واحد منهما.