على الثيب، وقد قلنا: إن المراد بالثيب: المحصن، فلو كان الإحصان يحصل بالوطء في حال الصغر والجنون والرق.. لأدى إلى إيجاب الرجم على الصغير والمجنون والمملوك. ولأن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنَى بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس» فأثبت القتل بالزِّنَى بعد الإحصان. وقد ثبت: أن الصغير والمملوك والمجنون لا يقتلون بالزِّنَى، فدلَّ على: أن عدم الصغر والجنون والرق شرط في الإحصان. هذا إذا كان الزوجان ناقصين، سواء اتفق نقصهما أو اختلف.
فأما إذا كان أحدهما كاملا والآخر ناقصا؛ بأن كان أحدهما بالغا عاقلا حرا والآخر صغيرا أو مجنونا أو مملوكا.. فهل يصير الكامل منهما محصنا؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يصير محصنا- وبه قال أبُو حَنِيفَة - لأنه وطء لم يصر به أحدهما محصنا، فلم يصر الآخر محصنا، كوطء الشبهة.
والثاني: يصير الكامل منهما به محصنا، وهو الصحيح؛ لأنه حر مكلف وطئ في نكاح صحيح، فكان محصنا، كما لو كانا كاملين.
هذا ترتيب القاضي أبي الطيب والشيخ أبي إسحاق، وقال الشيخُ أبُو حامد: إذا كان الزوج حرا عاقلا، والزوجة أمة.. فإن الزوج يصير محصنا قولا واحدا. وكذلك: إذا كان الزوج عبدا، والزوجة حرة بالغة عاقلة.. فإنها تصير محصنة قولا واحدا. فأما إذا كان أحدهما حرا بالغا عاقلا، والآخر صغيرا أو مجنونا.. فهل يصير الحر البالغ العاقل محصنا؟ على القولين.
[فرع: الإسلام ليس بشرط في الإحصان عندنا]
] : الإسلام ليس بشرط في الإحصان في الزِّنَا، فإذا زنَى ذمي وجدت فيه شرائط إحصان المسلم.. وجب عليه الرجم. وقال مالك وأبو حَنِيفَة:(الإسلام شرط في الإحصان في الزِّنَا، فلا يجب الرجم على الذمي إذا زنَى) .
دليلنا: ما رَوَى ابن عمر: «أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجم يهوديين زنيا» . ولقوله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الثيب بالثيب جلد مائة والرجم» . ولم يفرق.