فعلى هذا: إذا وطئ في نكاح صحيح وهو بالغ عاقل حر.. صار محصنا، فإذا زنَى بعد ذلك.. وجب عليه الرجم. وإن وطئ في نكاح صحيح وهو صغير أو مجنون أو مملوك.. لم يصر محصنا، فإذا زنَى بعد ذلك.. لم يجب عليه الرجم.
ومنهم من قال: ليس للإحصان إلا شرط واحد؛ وهو الوطء في نكاح صحيح، فأما البلوغ والعقل والحرية.. فإنها من شرائط وجوب الرجم.
فعلى هذا: للرجم خمس شرائط: الإحصان- وهو الوطء في نكاح صحيح- والبلوغ، والعقل، والحرية، والزنى. فإذا وطئ في نكاح صحيح وهو صغير أو مجنون أو مملوك.. صار محصنا، فإذا بلغ أو أفاق أو أعتق، ثم زنَى.. وجب عليه الرجم؛ لأنه وطئ في نكاح صحيح. ولأنه لو وطئ امرأة في نكاح صحيح وهو صغير أو مجنون أو مملوك يحصل به الإحلال للزوج الأول، فوجب أن يحصل به الإحصان، كما لو وطئ وهو بالغ عاقل حر. ولأن عقد النكاح لا يعتبر فيه الكمال، فكذلك الوطء.
وحكى الشيخُ أبُو حامد أن من أصحابنا من قال: الرق مانع من الإحصان، والصغر ليس بمانع من الإحصان. فعلى هذا: إذا وطئ الصغير في نكاح صحيح. صار محصنا، وإذا وطئ المملوك في نكاح صحيح.. لم يصر محصنا.
والفرق بينهما: أن الصغر ليس بنقص في النكاح؛ ولهذا يجوز أن يتزوج الحر الصغير بأربع. والرق نقص في النكاح؛ ولهذا لا يجوز أن يتزوج العبد بأكثر من اثنتين. ومنهم من قال: الصغر مانع من الإحصان، والرق ليس بمانع من الإحصان؛ لأن الصغير غير مكلف، والمملوك مكلف.
والصحيح هو الأول، وقد نص عليه الشافعيُّ، - رَحِمَهُ اللَّهُ - وبه قال مالك وأبو حَنِيفَة، وعامة الفقهاء - لقوله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الثيب بالثيب جلد مائة والرجم» فأوجب الرجم