التعريف.. كان له ذلك، فإذا تملكها كانت القيمة في ذمته، وإن مات المتلقط أو أفلس قبل أن يتملك القيمة، فجاء مالك اللقطة.. كان أحق بالقيمة المعزولة وله من سائر الغرماء.
[فرع: وجد حيوانا في قرية عامرة]
وإن وجد الحيوان في بلد أو قرية عامرة.. فقال المزني: قال الشافعي فيما وضعه بخطه - لا أعلمه سمع منه -: (فالجميع لقطة) .
واختلف أصحابنا فيه:
فقال أبو إسحاق: الصحيح ما ذكره المزني: فالصغير والكبير من الحيوان لقطة في البلد؛ لأنا إنما منعناه من أخذ الكبير من الحيوان في الصحراء؛ لأن ترك أخذه أحظ لصاحبه؛ لأنه يأكل الشجر، ويرد الماء، ويحتفظ بنفسه، وهذا المعنى غير موجود فيه في البلد، لأنه لا يجد ما يرعى فيه، فكان التقاطه أحظ لصاحبه.
ومن أصحابنا من قال: ما يجده من الحيوان في البلد كالذي يجده في الصحراء، فإن كان إبلا، أو ما كان في معناها.. لم يكن له أخذها.
وإن كان غنما، أو ما كان في معناها.. كان له أخذها؛ لعموم حديث زيد بن خالد؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يفرق فيه بين البلد والصحراء، وإنما فرق فيه بين الصغير والكبير؛ لأن الكبير في البلد لا يضيع أيضا ولا يخفى أمره بخلاف الصغير.
فإذا قلنا بهذا: فليس له أن يأخذ الكبار للتملك، وله أن يأخذ الصغار ويكون فيه بالخيار: بين أن يتطوع بالإنفاق عليها ويحفظها على صاحبها، وبين أن يعرفها حولا ويتملكها، وبين أن يبيعها ويحفظ ثمنها، أو يتملكها بعد التعريف، وهل له أن يأكلها في البلد؟ فيه وجهان:
قال أكثر أصحابنا: لا يأكلها. والفرق بين البلد والصحراء: أنه لا يجد في الصحراء من يشتريها في الغالب، فجاز له أكلها، وفي البلد يجد من يشتريها في الغالب.. فلم يجز له أكلها.