وإذا قلنا بالأول: فرأى حاكم مصر بيعه وحفظ ثمنه، فنصب المدعي رجلا ليبتاعه له من حاكم مصر، فابتاعه له، ثم مضى به إلى مكة فحضر الشاهدان وشهدا أن هذا العبد ملكه. حكم بفساد البيع، فيكتب حاكم مكة إلى حاكم مصر بذلك ليرد له الثمن إن كان قد قبضه؛ لأنه قد بان أنه ملكه، ولا يقول المدعي لحاكم مصر: بعني هذا العبد؛ لأن ذلك إقرار منه أنه ليس بملك له.
[مسألة: التقاط كلب صيد]
إذا التقط كلب صيد.. عرفه حولا، فإن لم يجد صاحبه.. كان له أن ينتفع به بعد الحول؛ لأنه وإن كان غير مملوك فإن الانتفاع به جائز، فقام بعد الحول والتعريف مقام صاحبه. فإن جاء صاحبه وقد هلك.. لم يجب عليه قيمته؛ لأنه لا قيمة له.
وهل يضمن قيمة منفعته بعد الحول؟ فيه وجهان بناء على الوجهين في جواز إجارته.
[مسألة: التقاط الطعام الرطب]
وإن كانت اللقطة طعامًا رطبًا لا يمكن استبقاؤه، كالطبائخ والهرائس.. فقد قال الشافعي:(له أن يأكله إذا خاف فساده، ويغرمه لربه) .
قال المزني: وقال الشافعي فيما وضعه بخطه ـ لا أعلمه سمع منه ـ: (إذا خاف فساده.. أحببت له أن يبيعه) فجعل المزني هذا قولًا آخر أنه لا يجوز له أكله؛ لأنه يمكنه بيعه.
قال أصحابنا: وما خرجه المزني غير صحيح، بل يجوز له الأكل، قولًا واحدًا.
وما ذكره الشافعي بخطه لا يدل على أنه لا يجوز له الأكل، وإنما يدل على أن البيع أولى من الأكل، وهذا صحيح.
وإذا ثبت هذا: فهو بالخيار: بين أن يبيعه، وبين أن يأكله، كما قلنا في الشاة إذا