وروى عمرو بن حزم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الكتاب الذي كتبه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أهل اليمن:«وفي الموضحة خمس من الإبل» . ولأنه قول أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وزيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وأرضاهم، ولا مخالف لهم في الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -، ولا فرق بين الظاهرة والمستورة بالشعر، لعموم الخبر.
[مسألة في تعدد الموضحة]
فإن أوضحه موضحة أو موضحتين أو ثلاثاً أو أربعاً.. وجبت لكل موضحة خمس من الإبل؛ لعموم الخبر، فإن كثرت المواضح حتى زاد أرشها على دية النفس.. ففيه وجهان لأصحابنا الخراسانيين:
أحدهما: لا يجب أكثر من دية النفس؛ لأن ذلك ليس بأكثر حرمة من نفسه.
والثاني: يجب لكل موضحة خمس من الإبل، وهو المشهور؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وفي الموضحة خمس من الإبل» . ولم يفرق. ولأنه يجب في كل واحدة أرش مقدر، فوجب وإن زاد ذلك على دية النفس، كما لو قطع يديه ورجليه.
[فرع أوضحا موضحتين بينهما حاجز]
وإن أوضحه موضحتين بينهما حائل - حاجز - ثم خرق الجاني الحاجز بينهما.. لم يجب عليه أكثر من أرش موضحة؛ لأن فعل الإنسان يبنى بعضه على بعض، كما لو قطع يديه ورجليه، ثم مات.
وكذلك: إن تآكل ما بينهما بالجناية.. صار كما لو خرق ما بينهما؛ لأن سراية فعله كفعله، فصار كما لو قطع يديه ورجليه، وسرى ذلك إلى نفسه.
وإن خرق أجنبي ما بينهما.. وجب عليه أرش موضحة إن بلغ إلى العظم، ووجب