] : إذا فتح قفصا عن طائر، أو حل رباط دابة، فخرجا.. نظرت:
فإن هيجهما عقيب الفتح والحل حتى خرجا.. ضمنهما؛ لأنه ألجأهما إلى الخروج، وإن لم يهيجهما إلى الخروج، بل وقفا ساعة لم يخرجا، ثم خرجا.. لم يجب عليه الضمان، وبه قال أبو حنيفة.
وقال مالك:(يجب عليه الضمان) .
دليلنا: أن الطائر والدابة لهما اختيار، بدليل: أنهما يتوقيان المكاره، وقد وجد منهما مباشرة، ومن الفاتح سبب، فتعلق الضمان بالمباشرة، كما لو حفر رجل بئراً، فطرح رجل نفسه فيها.
وإن لم يهيجهما إلى الخروج، ولا وقفا، بل خرجا عقيب الفتح.. فقد حكى القاضي أبو الطيب عن بعض أصحابنا: إن كان أهاجهما الدنو منهما، أو فتح القفص، أو حل الشكال. وجب عليه الضمان، إذ لا فرق بين أن يهيجهما بنفسه، أو يحصل ذلك بفعله، وإن لم يوجد شيء من ذلك.. فلا ضمان عليه. وأكثر أصحابنا قالوا: هي على قولين:
أحدهما: لا يجب عليه الضمان، وبه قال أبو حنيفة؛ لأنه وجد منه سبب لا يلجئ، فهو كما لو وقفا، ثم خرجا.
والثاني: يجب عليه الضمان، وبه قال مالك؛ لأن خروجه عقيب حله، فالظاهر أن الحل هو الذي ألجأه إلى الخروج، كما لو هيجه.
وإن فتح رجل باب آخر، أو هدم حائطه، فدخل آخر، فأخذ المال.. وجب الضمان على الآخذ دون الفاتح؛ لأن الفاتح صاحب سبب، والآخذ مباشر، فتعلق الضمان بالمباشر، كما لو حفر رجل بئراً وطرح فيها آخر رجلاً.