[مسألة تزوج وثني بأختين أو بثمان وطلق ثلاثا ثلاثا]
قال ابن الحداد: إذا تزوج وثني أختين وطلقهما ثلاثا ثلاثا، ثم أسلم وأسلمتا معه، وأراد أن يتزوج إحداهما قبل أن تنكح زوجا غيره، أو أسلم وأسلمتا معه قبل أن يطلقهما، ثم طلقهما ثلاثا ثلاثا، ثم أراد أن يتزوج إحداهما قبل أن تنكح زوجا غيره.. قيل له: من كنت تختار للنكاح منهما لو لم تطلقهما؟ فإذا أشار إلى إحداهما.. حل له أن يعقد على الأخرى قبل أن تنكح زوجا غيره. واختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: أخطأ في الأولى منهما وأصاب في الأخرى ـ وهو اختيار ابن الصباغ ـ وقال: إذا طلقهما في حال الشرك ثلاثا ثلاثا.. لم تحل له إحداهما؛ لأن الطلاق في الشرك عند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - صحيح. فأما إذا أسلموا ثم طلقهما.. فالحكم كما قال ابن الحداد.
وقال القاضي أبو الطيب: بل الحكم فيهما واحد، كما قال ابن الحداد؛ لأن المشرك إذا زاد على ما يجوز في الشرع.. كان النكاح باطلا. وقد نص الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - على أنه:(إذا أسلم عن عشر نسوة وأسلمن معه.. فإنه يختار منهن أربعا، ويفارق سائرهن، فإذا اختار أربعا منهن ولم يكن دخل بهن.. لم يكن لغيرهن مهر ولا متعة) .
قال ابن الصباغ: والصحيح عندي: ما ذكره الراد عليه، وهو: أنه إنما يراعى إذا بقي النكاح إلى حالة الإسلام، فأما ما أوقعه من الطلاق في الشرك: فإنه يمضي عليه.
وعندي: أن الذي قاله ابن الحداد في الثانية إنما يصح إذا طلق الأختين بكلمة واحدة ثلاثا، فأما إذا أسلم وأسلمتا معه فطلق كل واحدة منهما ثلاثا، إحداهما بعد الأخرى.. فإن طلاقه للأولى اختيار منه لنكاحها، فلا تحل له إلا بعد زوج، وتحل له الثانية قبل زوج على ما ذكره.