والثاني وهو قول أكثر أصحابنا، وهو الصحيح: أنه يمنع؛ لأن هذا الحائط بني للفصل بينه وبين غيره، فمنع، كحائط غير المسجد.
وأما ما ذكره من الرحبة: فلأن الرحبة من جملة المسجد، أو يحمل على من كان حذاء باب المسجد، وهو مفتوح، فعلى قول أبي إسحاق: لو كان لرجل دار بجنب المسجد، وحائط المسجد حائط داره، جاز له أن يصلي في بيته بصلاة الإمام في المسجد، إذا علم بصلاته، وعلى قول عامة أصحابنا: لا يجوز.
وإن كان بينهما حائل يمنع الاستطراق دون المشاهدة، كالشباك ففيه وجهان:
أحدهما: يمنع؛ لأنه يمنع الاستطراق، فهو كالحائط.
والثاني: لا يمنع؛ لأنه لا يمنع الشاهدة.
[فرع موقف المأموم في الفلاة]
] : فأما إذا كان الإمام يصلي في صحراء، فإن الإمام هاهنا للصف الأول، كالمسجد للصف الأول خارج المسجد، إذا كان الإمام يصلي في المسجد، فإن وقفوا من الإمام على ثلاثمائة ذراع فما دون أجزأتهم صلاتهم، وكذلك لو وقف صف، بينه وبين الصف الأول ثلاثمائة ذراع، ثم ثالث، ورابع، وهم عالمون بصلاة الإمام صح.
واختلف أصحابنا: من أين أخذ الشافعي هذا الحد؟ فذهب أبو العباس، وأبو إسحاق: إلى أنه أخذه من صلاة الخوف؛ لـ:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحرم بطائفة، وصلى بهم ركعة» .
وفي رواية ابن عمر:(أنها مضت إلى وجه العدو، وهي في الصلاة، وكن بينه وبينها قدر ثلاثمائة ذراع) ؛ ولأنهم إنما يحرسون المسلمين من وقوع السهام؛ لأنها