أحدهما: لا ينفق منه؛ لأن حصول هذا الزرع مظنون، فلا يتلف عليه مال موجود.
والثاني - وهو المذهب -: أنه ينفق عليه منه؛ لأن ذلك من مصلحة المال، ويقصد به تنمية المال في العادة.
وإن دعا الغرماء المفلس إلى أن ينفق عليه، وأبى المفلس ذلك.. لم يجبر عليه؛ لأنه لا يجب عليه تنمية المال للغرماء. فإن تطوع الغرماء أو بعضهم بالإنفاق عليه من غير إذن المفلس والحاكم.. لم يرجعوا بما أنفقوا عليه، لأنهم متطوعون به. وإن أنفق بعضهم بإذن المفلس والحاكم على أن يرجع على المفلس بما أنفق.. جاز ذلك، وكان له ذلك دينا في ذمة المفلس لا يشارك به الغرماء؛ لأنه وجب عليه بعد الحجر.
وإن أنفق عليه بعض الغرماء، بإذن باقي الغرماء، على أن يرجع عليهم.. رجع عليهم بما أنفق من مالهم.
[فرع: اكترى مركبا لينقل بضاعة فأفلس]
قال في " الأم "[٣/١٨٣] : (ولو اكترى ظهرا ليحمل له طعاما إلى بلد من البلدان، فحمله، وأفلس المكتري قبل دفع الأجرة.. ضرب المكري مع الغرماء بالأجرة، فإن أفلس قبل أن يصل إلى البلد.. نظرت: فإن كان الموضع الذي بلغ إليه آمنا.. كان له فسخ الإجارة فيما بقي من المسافة، ويضع الطعام عند الحاكم) .
قال ابن الصباغ: وإن وضعه على يد عدل بغير إذن الحاكم.. ففيه وجهان، كالمودع إذا أراد السفر، فأودع الوديعة بغير إذن الحاكم.. فهل يضمن؟ فيه وجهان.
وإن كان الموضع مخوفا.. لزمه حمل الطعام إلى الموضع الذي أكراه لحمله إليه، أو إلى موضع دونه يأمن عليه فيه.
قال في " الأم ": (وإن اكترى من رجل ظهرا بعينه ليركبه إلى بلد، فأفلس المكري.. كان المكتري أحق بالظهر؛ لأنه استحق منفعته بعقد الإجارة قبل الحجر) .