فهو كما لو قتل رجل أباه عمدا، فعفي عنه، وقد كان قتل هذا القاتل ابن أخ العافي، فمات أب المقتول، والعافي وارثه.
وكما لو كان لمورثهما على رجل دين، فأقاما شاهدا واحدا، فنكل أحدهما عن اليمين، ومات الآخر، وهذا وارثه.. كان للوارث أن يحلف مع الشاهد، ويستحق نصيب أخيه دون نصيب نفسه؛ لأنه أبطل حقه بنكوله، بخلاف الشفعة؛ لأنها لا تتبعض، والدين يتبعض.
[مسألة: باع ثلاثة حصتهم من دار وبقي الرابع]
إذا كانت الدار بين أربعة أنفس، لكل واحد منهم ربعها، فباع ثلاثة منهم أملاكهم من ثلاثة أنفس، كل واحد باع ملكه إلى واحد بعقد في وقت واحد.. فللشفيع - وهو الشريك الرابع الذي لم يبع - أن يأخذ أيضا من شركائه كلهم بالشفعة، وله أن يأخذ بعضها دون بعض؛ لأنه لا شفيع هاهنا غيره، فإن عفا عن البعض، وأخذ البعض.. فليس لمن عفا عنه أن يشاركه فيما يأخذ؛ لأن المشترين ملكوا في وقت واحد.
وإن باع أحدهم نصيبه من رجل، ثم باع آخر نصيبه من ذلك الرجل، ثم باع ثالث نصيبه من ذلك الرجل.. قال الشيخ أبو حامد: فللشريك الرابع الذي لم يبع أن يأخذ من المشتري جميع الأنصباء؛ لأنه لا شفيع سواه، وله أن يأخذ البعض دون البعض، فإن اختار أخذ الكل دفعة واحدة.. فلا كلام، وإن أخذ الأول، ولم يعلم بالثاني، ثم علم به، وأخذه.. جاز، ولم يشاركه المشتري بالأول؛ لأن ملكه الذي يستحق به الشفعة قد زال بأخذ الشريك له، وليس له مشاركته بالثالث؛ لأن ملكه تجدد عليه بعد ثبوت الشفعة في الثاني.