للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة ادعى عينا على رجل هي في يده فقال المدعى عليه هي لغيري]

وإن ادعى رجل على رجل عينا في يده، فقال من بيده العين: ليست لي، وإنما هي لفلان، فإن كان المقر له حاضرا وصدق المقر أنها له.. انتقلت الخصومة في العين إليه، فإن كان مع المدعي بينة.. حكم له بالعين، وإن لم يكن معه بينة.. كان القول قول المقر له مع يمينه، فإن حلف.. سقطت عنه الدعوى، وإن نكل عن اليمين.. حلف المدعي واستحق العين. فإن لم تحصل العين للمدعي، وسأل من كانت العين في يده أن يحلف له: ما يعلم أن العين له.. فهل تلزمه اليمين؟ فيه قولان، بناء على من أقر بدار لزيد ثم أقر بها لعمرو.. فإن الدار تسلم إلى زيد ولا يقبل إقراره لعمرو في الدار، ولكن: هل يلزمه أن يغرم قيمة الدار لعمرو؟ فيه قولان. فإن قلنا: يلزمه أن يغرم.. لزمه هاهنا أن يحلف؛ لأنه قد يخاف من اليمين فيقر بالعين للمدعي، فيغرم له قيمتها. وإن قلنا: لا يلزمه أن يغرم لعمرو شيئا.. لم يلزمه هاهنا أن يحلف؛ لأنه لو خاف من اليمين فأقر بها للمدعي.. لم يفد إقراره شيئا، فلا فائدة في عرض اليمين. فإن قال المقر له: ليست العين لي، ولا بينة للمدعي.. ففيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أن الحاكم ينتزعها ممن هي في يده ويحفظها إلى أن يجيء من يدعيها ويقيم عليها البينة؛ لأن من في يده العين قد أسقط حقه منها بالإقرار، والمقر له قد أسقط حقه منها برد الإقرار، ولا بينة للمدعي، فصارت كلقطة لا يعرف مالكها، فكان على الحاكم حفظها.

والثاني - وهو قول أبي إسحاق -: أنها تسلم إلى المدعي؛ لأنه ليس هاهنا من يدعيها غيره.

والثالث - حكاه ابن الصباغ -: أنه يقال له: من أقررت له قد رده، فإما أن تدعيها لنفسك فتكون الخصم، أو تقر بها لمن يصدقك فيكون الخصم، فإن لم تفعل.. جعلناك ناكلا، وحلفنا المدعي وسلمناها إليه.

والأول أصح؛ لأن على ما قال أبو إسحاق: تدفع العين إلى المدعي بمجرد الدعوى، وهذا لا يجوز. وعلى قول من قال: إن المقر يدعيها لنفسه.. لا يصح؛

<<  <  ج: ص:  >  >>