للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فرعٌ: يصح البيع إذا رأى المبيع ولو غاب]

وأما إذا رأيا المبيع، ثم غاب عنهما، وعقدا عليه البيع.. فالمنصوص: (أنه يصح البيع) .

وقال أبو القاسم الأنماطي: لا يصح، وهو قول الحكم، وحمّاد؛ لأن الرؤية شرطٌ في صحة العقد، فلم تتقدم على حال العقد، كالشهادة في النكاح.

ووجه المنصوص: أن الرؤية إنما تراد؛ ليصير المبيع معلومًا عندهما، وهذا المعنى موجودٌ وإن تقدمت الرؤية على حال العقد، وتخالف الشهادة في النكاح؛ لأنها تراد ليثبت الفراش بالعقد، فلم يجز أن يتقدم على العقد.

إذا ثبت هذا: فإن كان المبيع لا ينقص، ولا يتلف على طول الزمان، كالحديد والرصاص والنحاس وما أشبه ذلك، وكانا قد شاهداه، ثم عقدا عليه البيع، ثم شاهداه، فإن كان على صفته الأولى.. فلا خيار للمشتري، وإن كان قد تغير ونقص عما كان عليه.. ثبت للمشتري الخيارُ؛ لأنه ناقص عما كان رآه، وإن اختلفا: هل تغير، أم لا؟ قال الشافعي: (فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأن الثمن ينتزع منه، فلا يجوز إلا بقوله) .

وإن كان المبيع لا يبقى على طول الزمان، مثل: الهريس والطبيخ والبطيخ، وكان قد مضى من حين المشاهدة إلى حين العقد مدة يتلف فيها.. فالبيع باطل؛ لأنه غرر. وإن مضى عليه مدة قد يتلف فيها وقد لا يتلف، أو كان المبيع حيوانا.. ففيه وجهان:

[أحدهما] : من أصحابنا من قال: لا يصح البيع؛ لأنه يجوز أن يكون قد تلف، أو تغير، فصار مجهولاً، وبيع المجهول لا يصح.

والثاني ـ وهو المنصوص ـ: (أن البيع صحيح) ؛ لأن الظاهر منه السلامة.

[فرعٌ: بيع الغائب الموصوف مضمون]

] : قال الشافعي في (الصرف) : (ولا يجوز له أن يبتاع عينًا غائبة بصفة مضمونة، ولا إلى أجل، ويجوز بالنقد والدين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>