وأما القضاء: فقد قال أبو إسحاق: إذا فاتته الجمعة ... فإنه يقضيها، ولكن يقضي أربعًا؛ لأن الخطبتين أقيمتا مقام ركعتين، فلما فاتت الجمعة
قضى أربعا. هذا قول عامة أصحابنا. وحكي عن أبي إسحاق المروزي: أنه قال: إذا اتفق أهل بلد على ترك الجمعة، وصلوا الظهر ... أثموا بترك الجمعة، وتجزئهم الظهر؛ لأن كل واحد منهم لا تنعقد به الجمعة. والصحيح: أنها لا تجزئهم على قوله الجديد؛ لما ذكرناه فيه.
[مسألة السفر يوم الجمعة]
ومن وجبت عليه صلاة الجمعة، وأراد السفر، فإن كان يخاف فوت السفر؛ لذهاب القافلة ولا يمكنه المشي وحده ... جاز له السفر، وترك الجمعة، سواء كان قبل الزوال أو بعده؛ لأن عليه مشقة في ذلك، والجمعة تسقط بالمشقة.
وإن كان لا يخاف فوت السفر، فإن أراد السفر بعد الزوال إلى بلد لا تقام فيه الجمعة ... لم يجز.
وقال أبو حنيفة:(يجوز) .
وقال أحمد:(إن كان إلى سفر الجهاد ... جاز) .
دليلنا: أن الصلاة قد وجبت عليه، فلا يجوز تفويتها بالسفر، كالتجارة.
وإن أراد السفر بعد طلوع الفجر الثاني، وقبل الزوال ... ففيه قولان:
أحدهما: يجوز، وبه قال عمر، والزبير، وأبو عبيدة بن الجراح - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، وأصحابه.
ووجهه: ما روي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جهز جيش مؤتة، وكان فيهم عبد الله بن