وإن كان الزوج موسرًا حاضرًا، فطالبته بنفقتها، فمنعها إياها.. لم يثبت لها الفسخ؛ لأنه يمكنها التوصل إلى استيفاء حقها بالحكم.
وفيه وجه آخر حكاه المسعودي [في " الإبانة "] : أنه يثبت لها الفسخ؛ لأن الضرر يلحقها بمنعه النفقة، فهو كالمعسر. وليس بشيء؛ لأن العسرة عيب.
فإن غاب عنها الزوج، وانقطع خبره، ولا مال له ينفق عليها منه.. فهل يثبت لها الفسخ؟ فيه وجهان:
أحدهما: يثبت لها الفسخ، وهو قول القاضي أبي الطيب، واختيار ابن الصباغ؛ لأن تعذر النفقة بانقطاع خبره كتعذرها بالإعسار.
والثاني - وهو قول الشيخ أبي حامد -: أنه لا يثبت لها الفسخ؛ لأن الفسخ إنما يثبت بالإعسار بالنفقة، ولم يثبت إعساره.
[مسألة ثبوت الإعسار يجعلها في خيار]
وإذا ثبت إعسار الزوج.. خيرت بين ثلاثة أشياء: بين أن تفسخ النكاح، وبين أن تقيم معه وتمكنه من الاستمتاع به، ويثبت لها في ذمته ما يجب على المعسر من النفقة والأدم والكسوة ونفقة الخادم إلى أن يوسر، وبين أن تقيم على النكاح، ولكن لا يلزمها أن تمكنه من نفسها، بل تخرج من منزله؛ لأن التمكين إنما يجب عليها ببذل النفقة ولا نفقة هناك.
ولا تستحق في ذمته نفقة في وقت انفرادها عنه؛ لأن النفقة إنما تجب في مقابلة التمكين من الاستمتاع، ولا تمكين منها له.