أحدها: أنه يبقى على ملك المدعى عليه؛ لأنه أقر به لمن لا يدعيه، فيبقى على ملكه.
والثاني: يدفع إلى المدعي الثاني؛ لأن بإقرار المدعى عليه بجميع الدار للمدعي الثاني أخبر أنه لا يملك شيئا من الدار، وبرد المقر له إقراره في هذا النصف أخبر أنه لا يملكه، فلم يبق له هاهنا مدع له إلا المدعي الثاني، فوجب تسليمه إليه.
والثالث: أن الحاكم ينتزعه من يد المدعى عليه، ويحفظه إلى أن يجيء من يدعيه ويقيم عليه البينة؛ لأن الذي في يده الدار لا يدعيه، والمقر له به لا يدعيه، ولا يجوز أن يسلم إلى المدعي الثاني بالدعوى، فلم يبق إلا أن يحفظه الحاكم.
قال ابن الصباغ: فعلى هذا: يؤاجره الحاكم ويحفظ أجرته.
وقال أبو علي في " الإفصاح ": يفرقها الحاكم في مصالح المسلمين. وليس بشيء؛ لأن الأجرة تابعة للأصل. والأول أصح.
[مسألة مات عن ابنين نصراني ومسلم وكلاهما يدعي أن أباه مات على دينه]
وإن مات رجل وخلف ابنين، مسلما ونصرانيا، لا وارث له غيرهما، وادعى كل واحد منهما أن أباه مات على دينه وأقام على ذلك شاهدين مسلمين عدلين.. فلا يخلو حال الميت: إما أن يعرف أصل دينه أنه كان نصرانيا، أو لا يعرف أصل دينه. فإن عرف أصل دينه وأنه كان نصرانيا.. نظرت في البينتين: فإن كانتا مطلقتين أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة.. حكم بأنه مات مسلما، ويكون ميراثه لابنه المسلم؛ لأن التي شهدت بالنصرانية ربما شهدت بالنصرانية؛ لأنه أصل دينه؛ لأنها إذا لم تعرف إسلامه.. جاز لها أن تشهد بأنه مات نصرانيا، والتي شهدت بالإسلام شهدت بأمر حادث على النصرانية وربما خفي على الأخرى، فقدمت كما تقدم بينة الجرح على بينة التعديل. وإن كانت البينتان مؤرختين تأريخا واحدا؛ بأن شهدت إحداهما أن آخر كلامه التلفظ بالإسلام، وشهدت الأخرى أن آخر كلامه التلفظ بالنصرانية.. فهما متعارضتان؛ لأنهما متنافيتان. فإن قلنا: إن البينتين إذا تعارضتا سقطتا.. كان كما لو لم يكن لأحدهما بينة، ويكون القول قول النصراني مع يمينه؛ لأنه لا يعلم أنه مات