للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة: نظر الإمام الجديد في شأن أهل الذمة]

إذا مات الإمام أو عزل، وقام غيره مقامه.. فإنه ينظر في أهل الذمة: فإن كان الإمام الذي قبله عقد لهم الذمة عقدا صحيحا.. أقرهم عليه؛ لأنه عقد مؤبد. وإن كان فاسدا.. غيره إلى الصحة؛ لأنه منصوب لمصالح المسلمين، وهذا من مصالحهم.

فإن ادعى قوم من أهل الذمة أن الإمام عقد لهم الذمة ولا بينة.. رجع إليهم؛ لأنه لا يمكن التوصل إلى ذلك إلا من جهتهم. فإن ادعوا أنه عقد لهم الذمة على أقل من دينار.. قيل لهم: هذا عقد فاسد، فإما أن تعقدوا عقدا صحيحا، وإلا.. رددناكم إلى دار الحرب وكنتم حربا لنا؛ لأن أقل الجزية دينار.

قيل للشيخ أبي حامد: أليس الثوري يجيز العقد بما أداه إليه اجتهاد الإمام، فيجب إذا صح عقد الإمام لهم بدون الدينار أن لا ينقض حكمه؟ فقال: إن الإجماع قد حصل بعد الثوريّ: أن الجزية لا تجوز أن تنقص عن دينار.

وإن ادعوا أن الأول عقد لهم الذمة على الدينار عن كل رجل منهم.. فالقول قولهم مع أيمانهم. واليمين هاهنا مستحبة؛ لأن دعواهم لا تخالف الظاهر. فإن أسلم منهم اثنان وعدلا وشهدا أن الإمام الأول عقد لهم الذمة على أكثر من دينار، أو شهد بذلك رجلان مسلمان من غيرهم.. أخذوا بما عقد عليهم الأول؛ لأن ذلك قد لزمهم.

فإن قال بعضهم: عقد لنا الذمة على دينارين عن كل رجل، ولكن لا نؤدي إلا دينارا.. أخذ كل واحد بدينارين إلا أن يمتنعوا بالقتال ثم يبذلوا الدينار عن كل رجل منهم، فيجب قبوله.

وإن قالوا: كنا نؤدي إلى الأول عن كل رجل دينارين دينارا جزية ودينارا تطوعا.. فالقول قولهم مع أيمانهم؛ لأنه لا يعلم إلا من جهتهم. واليمين هاهنا واجبة؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>