وإن قال المشتري: اشتريت الشقص لنفسي، فعفا الشفيع، ثم بان أنه اشتراه لغيره أو قال: اشتريته لغيري فعفا الشفيع، ثم بان أنه اشتراه لنفسه.. لم تبطل شفعته؛ لأنه قد يرضى مشاركة أحد الرجلين، ولا يرضى مشاركة الآخر.
وإن اشترى الشقص اثنان، فبلغ الشفيع أنه اشتراه أحدهما، فعفا، ثم بان أنهما اشترياه.. قال أبو العباس: فله أن يأخذ منهما، أو من واحد منهما، ويترك الآخر؛ لأنه إنما ترك الشفعة لأحدهما على أنه اشترى الجميع، فإذا بان أنه اشترى البعض.. ثبتت له الشفعة عليه، وأما الآخر: فلم يترك له الشفعة.
[فرع: العفو عن الشفعة]
قال الطبري في " العدة ": وإذا عفا الشفيع عن الشفعة، بأن قال: عفوت عن الشقص، أو سلمته، أو نزلت عنه.. فقد قال الشافعي في " اختلاف العراقيين ": (له الخيار ما لم يفارق مجلسه؛ لأن هذا يجري مجرى البيع، فثبت فيه خيار المجلس، كالبيع) . وخرج أبو العباس قولا آخر: أنه لا خيار له، كما لا يثبت له في الإبراء والإسقاط خيار.
قال ابن الصباغ: وإذا وجبت له الشفعة، وقضى بها القاضي، والشقص في يد البائع، فدفع الثمن إلى المشتري، فقال البائع للشفيع: أقلني، فأقاله.. لم تصح الإقالة؛ لأن الإقالة تصح بين المتبايعين، وليس الشفيع مالكا من جهته، فإن باعه منه قبل القبض.. لم يصح، كما لا يصح أن يبيع ما ابتاع قبل القبض.