والثاني:(أن الفرض هو إصابة العين) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: ١٤٤][البقرة: ١٤٤] ولم يفرق.
ولأن من لزمه فرض القبلة.. لزمه إصابة العين، كالمشاهد للكعبة.
وأما صلاة أهل الصف: فإنما صحت؛ لأن مع البعد يتسع الصف المحاذي، ألا ترى أن الناس إذا صلوا ملاصقين للكعبة. . فإن المستقبل لها عدد يسير، فإذا بعدوا، فصلوا في آخر المسجد. . . استقبلها أكثر؟ وكذلك النقطة إذا دور حولها دائرة. . . كانت صغيرة؛ لقربها من النقطة، فإذا زاد خلف الأولى دائرة ثانية. . . كانت أكبر من الأولى؛ لبعدها من النقطة، وجميع الدائرة في الحالتين مستقبل للنقطة؟
[فرع المجتهدان في القبلة]
وإن اجتهد رجلان في القبلة. . . نظرت: فإن أداهما اجتهادهما: أن القبلة في جهة واحدة. . . استحب لهما: أن يصلي أحدهما بالآخر؛ لأن صلاة الجماعة مندوب إليها.
وإن اختلف اجتهادهما، فأدى اجتهاد أحدهما: أن القبلة في غير الجهة التي أدى اجتهاد الآخر إليها. . صلى كل واحد منهما إلى الجهة التي أداه اجتهاده إليها، ولا يأتم أحدهما بالآخر.
وقال أبو ثور: (يجوز أن يأتم أحدهما بالآخر، ويصلي كل واحد منهما إلى الجهة التي أداه اجتهاده إليها، كمن يصلي حول الكعبة. . فإنه يجوز لمن يصلي إلى جهة منها: أن يأتم بمن يصلي إلى الجهة الأخرى.
دليلنا: أن كل واحد منهما يعتقد بطلان اجتهاد صاحبه وبطلان صلاته، فلا يجوز أن يعلق صلاته بصلاة باطلة، بخلاف من يصلي إلى جهتي الكعبة. . فإن كل واحد منهما يعتقد صحة صلاة صاحبه.