فإن فسخت النكاح.. لم يعترض عليها وليها بذلك. وإن اختارت المقام معه على ذلك.. جاز، ولا اعتراض للولي عليها بذلك؛ لأن حق الولي إنما هو في ابتداء العقد دون استدامته. ولهذا: لو دعت الحرة وليها إلى تزويجها بعبد.. لم يلزمه إجابتها، ولو أعتقت تحت عبد واختارت المقام معه.. لم يجبرها الولي على الفسخ.
[مسألة معنى العنين وحكمه]
العنين: هو الرجل العاجز عن الجماع، وربما يشتهي الجماع ولا يناله. واشتقاقه من عَنَّ الشيءُ: إذا اعترض؛ لأن ذكره يعن، أي: يعترض عن يمين الفرج وشماله، فلا يقصده. وقيل: اشتق من عنان الدابة، أي: أنه يشبهه في اللين.
إذا ثبت هذا: فالعنة في الرجل عيب يثبت الخيار لزوجته في فسخ النكاح لأجلها على ما نبينه. وبه قال عامة أهل العلم.
وقال الحكم بن عتيبة، وداود، وأهل الظاهر:(ليست بعيب) .
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: ٢٢٩][البقرة: ٢٢٩] ، فخير الله الأزواج: بين أن يمسكوا النساء بمعروف، أو يسرحوهن بإحسان. والإمساك بمعروف لا يكون بغير وطء؛ لأنه هو المقصود بالنكاح، فإذا تعذر عليه الإمساك بمعروف من هذا الوجه.. تعين عليه التسريح بإحسان؛ لأن من خير بين شيئين إذا تعذر عليه أحدهما.. تعين عليه الآخر.
وعن عمر وعلى وابن مسعود والمغيرة بن شعبة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: أنهم قالوا: (يؤجل العنين سنة، فإن جامعها، وإلا.. فرق بينهما) ، ولا مخالف لهم في الصحابة. فدل على: أنه إجماع.