للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرضه عين ماء، أو يحفر في أرضه بئرًا أو عينًا، أو يحفر في الموات بئرًا ليتملكها، وينبع فيها الماء.. فقد مضى ذكر هذا في أول الباب.

[فرع: السقي من الأنهار]

وأما السقي بالماء: فإن كان الماء مباحًا في موضع مباح: فإن كان نهرًا عظيمًا لا يحصل فيه تزاحم، كدجلة والفرات، وكالسيول العظيمة.. فلكل أحد أن يسقي منه متى شاء وكيف شاء؛ لأنه لا ضرر على أحد بذلك.

وإن كان يحصل فيه تزاحم، بأن كان هذا الماء المباح في الموضع المباح قليلًا لا يمكن سقي الأرض إلا بجميعه.. فإن ترتيب السقي فيه: أن الأعلى يسقي أرضه منها إلى أن يجول الماء في أرضه ـ إذا كانت مستوية ـ إلى الكعبين، ثم يرسل الماء إلى من تحته، وعلى هذا إلى أن تنتهي الأرضون؛ لما روى عبادة بن الصامت: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى في شرب النخل من سيل: أن للأعلى أن يسقي حتى يبلغ الماء إلى الكعبين، ثم للأسفل كذلك حتى ينتهي الأرضون» .

وروى ابن الزبير: «أن الزبير ورجلًا من الأنصار اختصما في شراج الحرة التي يسقون بها النخل إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه الزبير، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للزبير: يا زبير اسق أرضك، ثم أرسل الماء إلى جارك" فغصب الأنصاري وقال: يا رسول الله، أن كان ابن عمتك! فتلون وجه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم قال: "يا زبير اسق أرضك، واحبس الماء حتى يبلغ إلى الجدر". قال الزبير: فوالله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: ٦٥] [النساء: ٦٥] » .

<<  <  ج: ص:  >  >>