ومن أصحابنا من قال: الركوب أفضل، قولا واحدا ـ وهي طريقة البغداديين من أصحابنا ـ لما ذكرناه. وأما نصه في (الوصية) : فلا يدل على أن ذلك الأفضل من مذهبه؛ لأنه يجب عليه في الوصية ما وصى به وإن كان غيره أفضل منه، ألا ترى أنه لو أوصى: أن يتصدق بدرهم.. لم يجزه أن يتصدق عنه بدينار، وإن كان أفضل منه. وأما ما روي عن ابن عباس: ففعل النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ أولى بالاتباع.
[مسألة المستطيع بغيره]
وأما المستطيع بغيره: فهو أن يكون معضوبا في بدنه لا يقدر على أن يثبت على مركب إلا بمشقة غير محتملة، أو بلغ من الكبر ما لا يمكنه الاستمساك على المركب، أو كان شابا نضو الخلق لا يستمسك على الراحلة، فإن لم يكن له مال، ولا من يطيعه.. لم يجب عليه الحج؛ للآية.
وإن كان له مال يمكنه أن يدفعه إلى من يحج عنه، ولم يجد من يستأجره به.. لم يجب عليه الحج؛ للآية.
وإن كان له مال، ووجد من يستأجره بأجرة المثل للحج.. وجب عليه أن يستأجره، فإن فعل ذلك، وإلا.. استقر فرض الحج في ذمته. وبه قال الثوري، وأبو حنيفة، وأصحابه، وأحمد، وإسحاق.