وإن كتب طلاقها ونوى به الطلاق.. فقد قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في (الطلاق) :
(إنه يقع به الطلاق من غير نية) . وقال في (الرجعة) : (لا يكون بالوطء، كما لو لم يكن نكاح ولا طلاق إلا بكلام) .
وقال أصحابنا البغداديون: هي على قولين.
وقال بعض الخراسانيين: يقع به الطلاق قولا واحد، وما قال في (الرجعة) .. أراد به الرد على أبي حنيفة.
فإذا قلنا: يقع به الطلاق - وبه قال أبو حنيفة وأحمد وهو الصحيح - فوجهه: أن الإنسان يعبر عما في نفسه بكتابته، كما يعبر عنه بلسانه، ولهذا قيل: القلم أحد اللسانين، وقد ثبت أنه لو عبر عن الطلاق باللسان.. لوقع، فكذلك إذا عبر بالكتابة.
وإذا قلنا: لا يقع به الطلاق.. فوجهه: أنه فعل ممن يقدر على القول، فلم يقع به الطلاق، كالإشارة، وفيه احتراز من إشارة الأخرس.
إذا ثبت هذا: فإن قلنا: لا يقع به الطلاق.. فلا تفريع عليه. وإن قلنا: يقع به الطلاق، فإن كانت غائبة عنه وكتب بطلاقها.. وقع، وإن كانت حاضرة معه.. فهل يقع طلاقها بكتابته؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يقع؛ لأن الكتابة إنما جعلت كالعبارة في حق الغائب دون الحاضر، كالإشارة في حق الأخرس دون الناطق.
والثاني: يقع؛ لأنه كناية في الطلاق، فصحت من الغائب والحاضر، كسائر الكنايات.
[فرع: كتب امرأتي طالق ونواه أو علقه بوصوله إليها]
] : فإذا كتب: امرأتي طالق ونواه.. وقع عليها الطلاق، سواء وصلها أو لم يصلها؛ لأن الطلاق غير معلق به، ولكن حكم بوقوعه في الحال، والعدة تكون من وقت الكتبة له.