والثاني: تصير جدة له، وهو اختيار القاضي أبي الطيب؛ لأنه ارتضع من لبن من ولد منها خمس رضعات متفرقات، فهو كما لو ارتضعه من واحدة منهن.
فإذا قلنا بهذا: فالذي يقتضي المذهب: أنه لا يحل له نكاح واحدة من المرضعات؛ لأنها بنت جدته، ولا يحل له نكاح بنت جدته من النسب، فكذلك من الرضاع.
وإن كان لرجل أم لها لبن، وأخت لها لبن، وبنت لها لبن، وزوجة لها لبن، وامرأة أخ لها لبن، فارتضع صبي من كل واحدة منهن رضعة.. لم تصر واحدة منهن أمًا له، وهل تثبت الحرمة بينه وبين هذا الرجل؟ يبنى على ثبوت الحرمة للجدة في التي قبلها.
فإذا قلنا: لا تثبت للجدة حرمة.. فهاهنا أولى أن لا تثبت.
وإن قلنا: تثبت للجدة حرمة.. فهاهنا وجهان:
أحدهما: تثبت؛ لأنه قد وجد العدد في حقه.
والثاني: لا تثبت؛ لأن الرضعات من جهات مختلفة، فلا يمكن أن يسمى له أبًا ولا أخًا ولا جدًا ولا عمًا ولا خالًا، بخلاف الجدة.
[فرع تفريق الرضعات بين رجلين يثبت أمومتها دونهما]
] : وإن كان لرجل زوجة له منها لبنا، فأرضعت به طفلًا ثلاث رضعات، ثم طلقها الزوج، وانقضت عدتها منه، وتزوجت بآخر، وولدت منه، وأرضعت ذلك الطفل رضعتين.. صارت أمًا له، ولم يصر واحد من الزوجين أبًا له؛ لأنه لم يرتضع من لبن أحدهما خمس رضعات.