فإن كان حريم رجل في الطريق، فنظر غيره إليهن.. لم يكن لصاحب الحريم رميه؛ لأن الموضع الذي فيه الحريم مباح يملك كل واحد النظر إليه، فلم يستحق إتلاف عضو الناظر إليه.
[فرع: يرمى المطلع على حريم بشيء خفيف]
] : وإذا اطلع رجل على داره، ونظر حريمه.. فليس له رمي عينه إلا بشيء خفيف يفقأ عينه، فإن رمى عينه بشيء خفيف، ففقأها وسرى إلى نفسه.. لم يجب عليه الضمان؛ لأنه مات من جناية مباحة، إن رماه بشيء ثقيل، فهشم وجهة وسرى إلى نفسه.. لزمه الضمان؛ لأنه ليس له رميه بما يودي إلى إتلاف نفسه.
إن رمى غير عينه، فأصابه.. وجب عليه الضمان؛ لأن المتعدي هي العين، فلم يجز له إتلاف غيرها.
قال المسعودي [في " الإبانة "] : إلا أن يكون الناظر بعيدا، فرمى عينه وقصدها، فأصابت موضعا آخر، فحينئذ لا يضمن.
فإن اطلع رجل على حريم غيره في داره، فقبل أن يرميه صاحب الدار، انصرف المطلع.. لم يكن لصاحب الدار أن يتبعه ويرميه؛ لأنه إنما يجوز ليصرفه، فإذا انصرف.. لم يكن له رميه بعد ذلك.
فإن رمى المطلع على داره، فلم ينصرف.. استغاث عليه بالناس، فإن انصرف عنه بالغوث.. فلا كلام، وإن لم ينصرف بذلك.. كان له أن يصرفه بما يصرف به من قصد نفسه أو ماله، حتى لو لم ينصرف إلا بقتله، فقتله.. فلا شيء عليه؛ لأنه تلف بدفع جائز.