للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصح، وإن كان لا يتأتى القبض فيها عقيب العقد الأول. أو نقول: لأن عقد الإجارة معاوضة محضة، فبطل فيما لا يتأتى فيه القبض عقيب العقد، كالبيع. ولا يبطل ببيع العين الغائبة، فإن قبضها يكون في موضعها.

وإن استأجر من رجل عينًا شهر شعبان، ثم استأجرها منه شهر رمضان قبل انقضاء شعبان.. فهل تصح الإجارة في شهر رمضان؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا تصح؛ لأن مدة إجارة العقد الثاني لم تتصل بوقت العقد، فلم تصح، كما لو كانت العين في إجارة غيره في شعبان، فأجرها من الثاني قبل انقضاء إجارة الأول.

والثاني: تصح، وهو المنصوص؛ لأن العين في يد المستأجر، ولا حائل بينه وبينها، فصار كما لو جمع في الإجارة بين الشهرين.

[فرع: الإجارة المطلقة بأجرة معينة]

وإن قال: أجرتك داري كل شهر بدينار، ولم يبين عدد الشهور.. لم تصح الإجارة.

ومن أصحابنا من قال: فيه قول آخر: أنه تصح في الشهر الأول بدينار، وتبطل فيما زاد عليه، وهو قول أبي حنيفة، واختيار أبي سعيد الإصطخري، إلا أن أبا حنيفة قال: (لكل واحد منهما أن يفسخ الإجارة عند انقضاء الشهر، فإذا لم يفعلا حتى مضى يوم من الشهر الثاني.. فليس لواحد منهما أن يفسخ) .

وقال مالك: (الإجارة صحيحة، وكلما مضى شهر.. استحق دينارًا، إلا أنها غير لازمة) .

دليلنا: أن قوله: (كل شهر) لا نهاية له، وإذا كانت مدة الإجارة مجهولة.. لم تصح، كما لو قال: أجرتك زمانًا، ولأن الشهر الأول وإن كان معلومًا، إلا أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>