والثاني: لا تجب إجابته إلى ذلك - ولم يذكر الشيخ أبو إسحاق غيره - لأن المقصود بالقصاص التشفي، وذلك لا يحصل بفعل الجاني، وإنما يحصل بفعل المجني عليه أو من ينوب عنه غير الجاني.
[مسألة لا يقتص من الحامل حتى تضع]
وإن وجب القصاص على امرأة حامل.. لم يجز قتلها قبل أن تضع؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}[الإسراء: ٣٣](الإسراء: ٣٣) . وفي قتلها في هذه الحالة إسراف؛ لأنه يقتل من قتل ومن لم يقتل.
وروي: «أن امرأة أتت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخبرته: أنها زنت وهي حبلى، فدعا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وليها، وقال:" أحسن إليها، فإذا وضعت.. فجئني بها "، فلما أن وضعت.. جاء بها، فأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بها فرجمت، وأمرهم فصلوا عليها» .
وروي:(أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أمر بقتل امرأة بالزنى وهي حامل، فقال له معاذ بن جبل: إن كان لك عليها سبيل.. فلا سبيل لك على ما في بطنها - يعني: حملها - فترك عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قتلها، وقال: كاد النساء أن يعجزن أن يلدن مثلك يا معاذ) .
إذا ثبت هذا: فولدت.. لم تقتل حتى تسقي الولد اللبأ؛ لأنه لا يعيش إلا به، فإذا سقته اللبأ.. نظرت:
فإن وجدت امرأة راتبة ترضعه.. جاز للولي أن يقتص منها؛ لأن الولد يستغني بإرضاعها.