وإن تزوج الرجل امرأة ودخل بها، ثم طلقها، ومضى عليها قرء أو قرءان، ثم راجعها.. انقضت العدة؛ لأنها صارت فرشا له، فلا يصح أن تكون معتدة عنه، فإن وطئها بعد الرجعة، ثم طلقها.. فعليها أن تستأنف العدة وتدخل فيها بقية العدة الأولى؛ لأنه قد حصل في رحمها ماء جديد له حرمة، فوجبت له العدة.
وإن طلقها قبل أن يطأها.. ففيه قولان:
أحدهما: تبني على الأولى.
والثاني: يلزمها استئناف العدة.
وقال داود:(لا يجب عليها عدة) . وهذا خطأ؛ لأنا لو قلنا: لا يجب عليها العدة.. لأدى إلى أن يجتمع على وطئها في اليوم الواحد جماعة رجال، بأن يتزوجها رجل ويدخل بها، ثم يطلقها طلاقا رجعيا، ثم يراجعها، ثم يطلقها قبل الدخول، ثم يتزوجها آخر، ويفعل مثل ذلك، وتتزوج بثالث، ويفعل مثل ذلك، فيؤدي إلى إفساد النسب.
فإذا قلنا: تبني على العدة، وهو قوله في القديم، وبه قال مالك.. فوجهه: قَوْله تَعَالَى: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا}[البقرة: ٢٣١][البقرة: ٢٣١] ولو احتاجت إلى استئناف العدة.. فقد أمسكها ضرارا؛ لأنه يراجعها في آخر عدتها، ثم يطلقها.
وإذا قلنا: تستأنف العدة، وهو قوله في الجديد، وبه قال أبو حنيفة، وهو الأصح.. فوجهه: قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨][البقرة: ٢٢٨] وهذه مطلقة. ولأنه إذا راجعها.. فقد عاد النكاح كما كان، فإذا طلقها.. استأنفت العدة، كالطلاق الأول.
وإن طلق امرأته طلقة رجعية، فراجعها، ثم طلقها، ثم خالعها في العدة قبل أن يطأها بعد الرجعة، فإن قلنا: إن الخلع طلاق.. كان كما لو طلقها بعد الرجعة، وهل تبني على عدتها، أو تستأنف؟ على القولين. وإن قلنا: إن الخلع فسخ.. فاختلف أصحابنا فيه: