وهذا ضمان ما لم يجب، وضمان مجهول. وهذه طريقة الخراسانيين: أنها على قولين.
قال الشيخ أبو حامد: وأبى سائر أصحابنا ذلك، وقالوا: لا يصح ضمانهما. قولا واحدا. وما قاله الشافعي في القديم:(يصح ضمان نفقة الزوجة مدة مستقبلة) .. فإنما أجازه؛ لأن النفقة تجب على هذا بالعقد. فقد ضمن ما وجب.
ولا يصح منها إلا ضمان شيء مقدر، وليس بمجهول.
ودليلنا - على أنه لا يصح ضمانهما -: أنه إثبات مال في الذمة بعقد لازم. فلم يصح مع جهله، ولا قبل ثبوته، كالثمن في البيع، والمهر في النكاح.
فقولنا:(في الذمة) احتراز ممن غصب من رجل شيئا مجهولا.
وقولنا:(بعقد) احتراز ممن أتلف على غيره مالا، أو وطئ امرأة بعقد فاسد. فإن ذلك يثبت في ذمته مالا، وإن كان لا يعلم قدره.
[فرع: ضمان معلوم جملة مجهول قدرا]
قال في " الإبانة "[ق \ ٢٨٣] : فلو جهل مقدار الدين، إلا أنه قال: ضمنت لك من درهم إلى عشرة، وقلنا: لا يصح ضمان المجهول.. فهل يصح هذا؟ فيه قولان:
أحدهما - قال، وهو الأشهر -: يصح؛ لأن جملة ما ضمن معلومة.
والثاني - وهو الأقيس -: أنه لا يصح؛ لأن مقدار الحق مجهول.
[فرع: ضمان ما يعطي الوكيل]
] : وأما إذا قال الرجل لغيره: ضمنت لك ما تعطي وكيلي، وما يأخذ منك. فإنه يلزمه ذلك؛ لأن ذلك لا من جهة الضمان، ولكن من جهة التوكيل، وذلك أن يد الوكيل يد الموكل.