فإن حصد البائع زرعه قبل أوان الحصاد.. لم يكن له أن يبدل مكان زرعه زرعًا آخر؛ لأن المستحق على المشتري تبقيه هذا الزرع لا غير.
إذا تقرر ما ذكرناه: فإن أبا إسحاق المروزي قال: إذا باع أرضًا فيها زرع للبائع.. فهل يصح البيع في الأرض؟ على قولين، كبيع الأرض المستأجرة من غير المستأجر؛ لأن الأرض في يد البائع إلى أن يحصد زرعه، كما أن الأرض في يد المستأجر إلى أن يستوفي منفعته.
وقال أكثر أصحابنا: يصح البيع في الأرض، قولاً واحدًا؛ لأن يد المستأجر تحول بين المشتري وبين ما اشترى، ويد البائع لا تحول بينه وبين الأرض؛ لأن للمشتري أن يدخل إلى الأرض، ويتصرف بها بما ليس بمزروع فيها بما شاء من وجوه التصرفات التي لا تضر بالزرع، ولأن هذا لو أشبه الأرض المستأجرة.. لوجب أن يبطل البيع، قولاً واحدًا؛ لأن مدة الإجارة معلومة، ومدة بقاء الزرع مجهولة، وهذا لم يقله أحد.
وإن باع الزرع والأرض، فإن كان الزرع لا حبَّ فيه.. صح البيع مطلقًا من غير شرط القطع تبعًا للأرض. وإن كان في الزرع حبٌّ، فإن كان حبًّا ظاهرًا، كالشعير والذرة.. صحّ البيع فيهما، وإن كان غير ظاهر، كالحنطة والدخن، فإن قلنا بقوله القديم:(إن بيع الحنطة في سنبلها مع سنبلها يصح) صح البيع فيهما وإن قلنا بقوله الجديد: (لا يصح بيع الحنطة في سنبلها) .. لم يصح البيع في الأرض والحنطة؛ لأنه يكون بيع مجهول ومعلوم.
[فرعٌ: اشترى أرضًا كان رآها]
إذا اشترى أرضًا غائبة عنه، وكان قد رآها قبل ذلك غير مزروعة، فوجدها مزروعة، أو اشترى نخلا قد رآها قبل الشراء لا طلع عليها، فوجد عليها طلعا