فإن كان يجز مرة بعد أخرى.. دخل الأصل في بيع الأرض. وما ظهر حال العقد.. فهو للبائع، وما يظهر بعد العقد.. فهو للمشتري. وكذلك الكراث إذا بيعت الأرض التي هو بها.. فإن أصل الكراث يدخل في البيع، وما كان ظاهرًا حال العقد لا يدخل في البيع إلا بالشرط، ويؤمر البائع بأخذه في الحال؛ لأن الزيادة بعد العقد تكون للمشتري.
وإن كان الزرع يؤخذ مرة واحدة، كالحنطة والشعير.. فإنه لا يدخل في بيع الأرض من غير شرط؛ لأن هذا الزرع مودع في الأرض، فهو كالكنز والماس؛ لأنه نماءٌ ظاهرٌ لا يراد للبقاء، فلم يدخل في بيع الأرض من غير شرط، كالطلع المؤبر. وإن قال: بعتك هذه الأرض بحقوقها.. قال الشيخ أبو حامد: فإن الزرع لا يدخل في بيعها؛ لأنه ليس من حقوقها، بخلاف الغراس.
إذا ثبت هذا: فإن للبائع أن يبقي هذا الزرع في الأرض إلى أن يستحصد.
وقال أبو حنيفة:(يجبر على أخذه في الحال) .
دليلنا: هو أن من ابتاع شيئًا مشغولاً بحق البائع.. فإن على البائع أن يأخذ ذلك على الوجه الذي جرت العادة بأخذه، كما لو باعه دارًا فيها طعامٌ للبائع.. فإنه لا يجب عليه نقله إلا على حسب العادة في نقله، ولا يلزم البائع أجرة الأرض إلى وقت الحصاد؛ لأن الأجرة تجب في مقابل منفعة استوفاها بالغصب، أو بالعقد، ولا غصب هاهنا، ولا عقد. فإذا بلغ أوان الحصاد.. فعلى البائع أن يحصد زرعه، فإذا حصده.. نظر فيه:
فإن لم يبقى للزرع عروق في الأرض تضر بها، كالحنطة والشعير.. فقد ارتفعت يده، ولا شيء عليه غير ذلك.
وإن بقي للزرع عروق تضر بالأرض، كالذرة.. فعلى البائع أن يقلع تلك العروق.