والثاني أن هذا ورد على أهل المدينة، ومن كان في سمتهم من البلدان؛ لأن من هناك إذا استقبل الكعبة، استدبر بيت المقدس، وإذا استدبر الكعبة، استقبل بيت المقدس. وسمي بيت المقدس قبلة؛ لأنه كان قبلة على عادة العرب في استصحاب الاسم بعد زواله.
[فرع: حكم استقبال القبلة في الأبنية]
] : البنيان الذي يجوز فيه استقبال القبلة واستدبارها.
قال المسعودي [في " الإبانة " ق\٢١] : يجب ألا يكون البناء أقل من مؤخرة الرحل، ويشترط أن يكون بقرب البناء، فإن كان بينه وبين البناء أكثر مما بين الصفين، كان كالصحراء.
ولا يشترط البناء والتسقيف، بل لو كان بينه وبين القبلة دابة، أو أرسل ثوبه من خلفه، كان كالبناء؛ لأن ذلك يستره عن القبلة.
فإن كان في وهدة من الأرض، وبينه وبين القبلة شيء يستره من الأرض، أو كان بينهما شجرة، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يكون ذلك كالبنيان، لأنه يقع عليه اسم الصحراء.
والثاني ـ وهو الصحيح ـ: أنه يكون كالبنيان؛ لأن ذلك يستره عن القبلة، فهو كالبنيان.
ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض؛ لما روى ابن عمر:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يرفع ثوبه، حين رآه من فوق سطح بيت حفصة حتى دنا من الأرض» .