ونهى عن الروث والرمة، وهذا دليل على منع ذلك في الصحراء.
وأما الدليل على جواز ذلك في البنيان: فما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت:«ذكر لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أن قوما يكرهون استقبال القبلة بفروجهم، فقال: " أوقد فعلوا ذلك؟ استقبلوا بمقعدتي إلى القبلة» . وكان ذلك في البنيان.
وروى ابن عمر، قال:«اطلعت على إجار ببيت حفصة، فرأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقضي حاجته قاعدا على لبنتين، مستقبل الشام، مستدبرا القبلة» . فإن قيل: كيف جاز لابن عمر أن ينظر إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على تلك الحال؟.
قلنا: يحتمل أنه لم يقصد النظر، ولكن فاجأته النظرة، ويحتمل أنه رأى ظهره وأعالي بدنه.
وإذا ثبت هذا: فروى معقل بن أبي معقل الأسدي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن استقبال القبلتين» . فتأول أصحابنا ذلك بتأويلين:
أحدهما: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان ينهى عن استقبال بيت المقدس، حين كان قبلة، ثم نهى عن استقبال الكعبة، حين صارت قبلة، فجمع الراوي بينهما.