فمنهم من قال: للدقيق مثل. قال الشيخ أبو إسحاق: وهو ظاهر النص؛ لأن تفاوته في النعومة والخشونة ليس بأكثر من تفاوت الحنطة بصغر الحب وكبره.
فعلى هذا: حكمه حكم الزيت إذا خلط بالزيت، على ما مضى.
وقال الشيخ أبو حامد، وابن الصباغ، وأكثر أصحابنا: لا مثل له؛ لأنه يتفاوت تفاوتاً كبيراً، وقول الشافعي:(إنه كالزيت) أراد: في أنه يرجع إلى بدله، كما يرجع إلى بدل الزيت إذا تلف، لا أنه يرجع إلى مثله.
فعلى هذا: إذا أراد قسمته بينهما.. نظرت:
فإن اختلفت قيمتهما.. لم تجز قسمته؛ لأن قيمتهما مختلفة، فلو جوزناها.. كان فيه تفاضل وربا.
وإن استوت قيمتهما، فإن قلنا: إن القسمة فرز النصيبين.. جازت قسمته، كما يجوز قسمة الرطب على هذا القول. وإن قلنا: إن القسمة بيع.. لم يجز قسمته، كما لا يجوز بيع بعضه ببعض. وحكى الكرابيسي عنه:(أنه يجوز) . ولا يعرف ذلك للشافعي في شيء من كتبه.
ومن أصحابنا من قال: يباع الدقيقان، ويقسم الثمن بينهما على قدر قيمتيهما بكل حال، كما قال في المسائل قبلها.
[فرع: خلط حنطة بحنطة]
وإن غصب منه حنطة، فخلطها بحنطة له.. ففي ذلك مسائل كالتي ذكرناها في الزيت. فإذا خلطها بحنطة أجود منها، أو مثلها، أو دونها.. فالحكم فيها كالحكم في الزيت، وإن خلطها بما يمكن تمييزها منه، مثل: أن يخلط حنطة بيضاء بحنطة