وإن أعتق رجل جارية وله ابنان، أحدهما منها، والآخر من غيرها، وأراد المعتق أن يتزوجها.. فقال ابن الحداد: يتزوجها من ابنه منها.
فمن أصحابنا من وافقه في ذلك، لأن المعتق لا ولاية له عليها في تزويجها من نفسه، فيكون بمنزلة الفاسق إذا أراد أن يتزوج وليته.
قال القاضي أبو الطيب: ويأتي على قول ابن الحداد: إذا أراد ابن العم أن يتزوج ابنة عمه.. فإنه يتزوجها ممن دونه من الأولياء. وقوله:(يتزوجها من ابنه منها) أراد على أشهر القولين في الأخوين، أحدهما لأب وأم، والآخر لأب.
وخالفه أكثر أصحابنا، وقالوا: لا يصح أن يتزوجها من ابنه منها ولا من غيره، وإنما يتزوجها من الحاكم، لأن الولاية له عليها ثابتة، فلا تبطل ولايته بإرادته تزويجها، كما لو غاب الولي أو عضل. ولأن هذا يؤدي إلى أن يكون المعتق وابنه وليين لها في حالة واحدة، وأن لكل واحد منهما أن يزوجها من صاحبه، وهذا لا يصح، لأن الابن يتلقى الولاية عليها من جهة أبيه، فلا يجتمع معه في الولاية.
[فرع زواج الحاكم أو الإمام ممن لا ولي لها]
إذا أراد الحاكم أن يتزوج امرأة لا ولي لها.. فإنه يتزوجها من الإمام. قال ابن الصباغ: أو يرد ذلك إلى من يزوجه إياها، ولا يتولى طرفي العقد.
وإن أراد الإمام أن يتزوج امرأة لا ولي لها.. ففيه وجهان:
أحدهما: يصح أن يتزوجها من نفسه ويتولى طرفي العقد؛ لأنه إذا تزوجها من جهة الحاكم.. فهو قائم من جهته، فصح أن يتولى ذلك من نفسه.
والثاني: لا يصح أن يتولى العقد بنفسه، بل يتزوجها من الحاكم، لأن الحاكم ليس بوكيل له، وإنما هو نائب عن المسلمين، ولهذا: لا يملك الإمام عزله من غير سبب.