إذا قتل غيره عمداً وهما متكافئان.. فما الذي يجب على القاتل؟ فيه قولان:
أحدهما: أن الواجب عليه هو القود وحده، وإنما الدية تجب بالعفو بدلاً عنه، وهو قول أبي حنيفة، وهو اختيار القاضي أبي الطيب؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ}[البقرة: ١٧٨] إلى قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: ١٧٨](البقرة: ١٧٨) .
فموضع الدليل: أنه قال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ}[البقرة: ١٧٨] ولم يذكر الدية، فعلم أنها لم تجب بالقتل، وأيضاً فإنه قال:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ١٧٨] فأمره باتباع الدية إذا عفا عن القود، فعلم أن الدية تجب بالعفو لا بالقتل. ولأن ما ضمن بالبدل في حق الآدمي.. ضمن ببدل معين، كالمال.
فقولنا:(ضمن ببدل) احتراز من العين المغصوبة إذا كانت باقية.
وقولنا:(في حق الآدمي) احتراز من جزاء الصيد.
والقول الثاني: أن الواجب عليه أحد شيئين: القود أو الدية. فإن استقاد الولي.. علمنا أن الواجب كان هو القود، وإن عفا عن القود على الدية.. علمنا أن الواجب كان هو الدية. وهو اختيار الشيخ أبي حامد؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فمن قتل بعده قتيلاً.. فأهله بين خيرتين: إن أحبوا.. قتلوا، وإن أحبوا.. أخذوا الدية» فخيرهم بين القود والدية، فعلم أنهما سواء في الوجوب.
إذا تقرر هذا: فقال الولي: عفوت عن القود إلى الدية.. سقط القود، ووجبت الدية على القولين.
وإن قال: عفوت عن القود والدية.. سقطا جميعاً على القولين. وإن قال عفوت عن القود على غير مال.. سقط القود، ولم تجب الدية على القولين. وإن