إذا ثبت هذا: فهل تتقدر مدة الخيار فيه بثلاثة أيام؟ فيه قولان:
أحدهما: تتقدر بثلاثة أيام، وبه قال أبو حنيفة؛ لأن إلحاقه بنفسه نسبا ليس منه محرم عليه، ونفيه نسبا ثابتا منه محرم عليه.
وإذا كان كذلك، وولدت امرأته ولدا.. فلا بد أن يتأمله؛ هل يشبهه، أو يشبه الزاني؟! وهل هو منه أو من غيره؟! ويفكر في ذلك، وذلك لا يمكنه في الحال، فقدر ثلاثة أيام؛ لأنها قريبة، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى:{فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}[هود: ٦٤][هود: ٦٤] . ثم فسر القريب بالثلاث، فقال تعالى:{تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ}[هود: ٦٥][هود: ٦٥] .
والثاني: لا تتقدر بالثلاث، بل هو على الفور، وهو الأصح؛ لأنه خيار لدفع ضرر متحقق غير مؤبد، فكان على الفور، كخيار الرد بالعيب.
فإذا قلنا بهذا: فمعنى قولنا: (على الفور) على ما جرت العادة به، فإن كان حاضرا.. فلسنا نريد أنه يعدو إلى الحاكم حين يسمع بالولادة بكل حال، بل له التأخير بعذر؛ وذلك: أن له أن يؤخر إلى أن يلبس ثوبه، وإن كان ممن يركب.. فحتى تسرج له دابته، وإن كان جائعا.. فحتى يأكل، وإن كان ظمآنا.. فحتى يشرب الماء، وإن حضرت صلاة.. فحتى يصلي، وإن كان ماله غير محرز.. فله أن يؤخر إلى أن يحرز ماله، وما أشبه ذلك، ثم يذهب إلى الحاكم، ويعرفه أنه قد نفى الولد، ويريد أن يلاعن، ثم يستدعي الحاكم المرأة.
[فرع: ادعاؤه نفي علمه بالولادة]
] : وإن ادعى: أنه لم يعلم أنها ولدت، فإن لم يمكن أن يكون صادقا في ذلك، مثل: أن يكون في دار واحدة أو محلة واحدة.. لم يقبل قوله؛ لأن الظاهر أنه لا يخفى عليه ذلك، وإن كان كل واحد منهما في جانب من البلد، أو كل واحد منهما في محلة.. فالقول قوله مع يمينه؛ لأنه يحتمل ما يدعيه.