[فرع: للشفيع الغائب أخذ جميع الشقص إذا قدم وكان الحاضر رده بالعيب]
وإن أخذ الشفيع الحاضر جميع الشقص من المشتري، فوجد به عيبا، فرده، ثم قدم الشفيعان الآخران، أو أحدهما.. كان للقادم فسخ الرد بالعيب، وأخذ جميع الشقص.
وقال أبو حنيفة، ومحمد:(ليس للقادم بعد الأول أن يأخذ إلا قدر حصته من الشقص) .
دليلنا: أن الشفيع الأول أسقط حقه من الشقص بالرد بالعيب، فكان للقادم بعده أخذ جميع الشقص، كما لو عفا الأول عن الشفعة.. فإن للثاني أن يأخذ جميع الشقص.
[مسألة: للشريك الثالث الشفعة إذا باع أحد شريكيه نصيبه من الآخر]
وإن كانت دار بين ثلاثة رجال، فباع أحدهم نصيبه من أحد شريكيه.. ثبت للشريك الثالث الشفعة، وهل له أن يأخذ جميع الشقص، أو يقسم بينه وبين الشريك المشتري؟
روى المزني:(أنه يقسم بينه وبين الشريك المشتري) . وبه قال عامة أصحابنا، وبه قال مالك، وأبو حنيفة.
وحكي عن أبي العباس بن سريج: أن له أخذ جميع الشقص. وهو قول عثمان البتي، والحسن البصري. وقيل: لا يصح هذا عن أبي العباس.
ووجه هذا: أنا لو قلنا: يقتسمان الشقص.. لكان للإنسان أن يأخذ الشفعة من نفسه، وهذا لا يجوز.
والأول أصح؛ لأن المشتري شريك في الشقص، فلم يأخذ الآخر جميع الشقص، كما لو باع الشريك من أجنبي، وما قاله أبو العباس: إنه لا يأخذ الشفعة من نفسه.. غير صحيح؛ لأنه لا يأخذ بالشفعة من نفسه، وإنما لا يقدم الآخر عليه؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر.