الماء المستعمل ضربان: مستعمل في طهارة الحدث، ومستعمل في طهارة النجس.
فالماء المستعمل في طهارة الحدث طاهر عندنا، يجوز شربه واستعماله في غير الطهارة.
وعن أبي حنيفة روايتان: إحداهما: كقولنا، والثانية:(أنه نجس) .
دليلنا: أنه ماء طاهر لاقى محلًا طاهرًا، فكان طاهرًا كما لو غسل به ثوب طاهر، وهل هو مطهر؟ المنصوص للشافعي:(أنه غير مطهر) .
وقال أبو ثور:(توقف الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في الماء المستعمل) .
وحكى عيسى بن أبان: أن الشافعي قال: (هو طاهر مطهر) .
فقال القاضي أبو حامد: المسألة على قولين:
أحدهما: أنه مطهر، وبه قال الحسن البصري، والزهري، والنخعي، وداود؛ لما روي: أن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مسح رأسه بفضل ماء كان في يده» ؛ ولأنه ماء يؤدي الغرض، فلا يخرج عن حكمه بتأدية الغرض فيه، كالثوب يصلى به مرارًا.
الثاني: أنه غير مطهر، وهو الصحيح، وبه قال الليث، وأحمد، ومالك، والأوزاعي، وهو المشهور عن أبي حنيفة؛ لما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا يتوضأ أحدكم بفضل وضوء المرأة» .