للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: يعطى، كما يجوز له استيفاء القصاص.

والثاني: لا يعطى؛ لأن الأرش لا يستقر قبل الاندمال؛ لأنه ربما سرى إلى النفس، فدخل في ديتها، أو يشاركه غيره في الجناية، فمات من الجميع.

فإذا قلنا: يعطى قبل الاندمال.. فكم يعطى؟ فيه وجهان:

أحدهما: يعطى أقل الأمرين من أرش الجناية أو دية النفس؛ لأن ما زاد على دية النفس لا يتيقن استقراره قبل الاندمال.

والثاني: يعطى أرش الجناية بالغاً ما بلغ؛ لأنه قد وجب له في الظاهر.

فإن اقتص المجني عليه قبل الاندمال، ثم سرت الجناية على المجني عليه إلى عضو آخر واندمل.. كانت السراية مضمونة بالدية.

وقال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا تكون مضمونة؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اذهب، فلا حق لك»

ودليلنا: أن هذه جناية مضمونة، فكانت سرايتها مضمونة، كما لو لم يقتص، والخبر محمول على أنه أراد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا حق لك في القصاص.

[مسألة المماثلة في القصاص بالآلة]

] : إذا قتل بالسيف.. لم يقتص منه إلا بالسيف؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] (البقرة: ١٩٤) ، ولأنه أوحى الآلات.

وإن حرقه، أو غرقه، أو رماه بحجر، أو من شاهق، فمات، أو ضربه بخشبة، أو حبسه ومنعه الطعام والشراب حتى مات.. فللولي أن يقتص منه بهذه الأشياء، وبه قال مالك.

وأما أبو حنيفة: فإنه يقول: (هذه الجنايات لا توجب القصاص، إلا التحريق بالنار، فإنه يوجب القصاص، ولكن: لا يجوز أن يقتص منه إلا بالسيف) .

<<  <  ج: ص:  >  >>