وقال أبو حنيفة:(لا يجوز أن يؤاجرها بأكثر منه إلا أن يكون قد أحدث فيها عمارة) .
دليلنا: أن كل ما جاز أن يؤاجره بمثل ما استأجره.. جاز أن يؤاجره بأكثر منه، كما لو أحدث فيها عمارة.
[مسألة: زرع ما لا يستحصد قبل مضي مدة الإجارة]
إذا اكترى أرضًا مدة ليزرعها، وأطلق.. فقد مضى في ذلك وجهان، الأصح: أن الإجارة صحيحة.
إذا ثبت هذا: فإن أراد المستأجر أن يزرع فيها زرعًا لا يستحصد في مثل تلك المدة.. فهل للمكري أن يمنعه؟ فيه وجهان:
[الأول] : قال الشيخ أبو إسحاق: لا يمنع منه؛ لأنه يستحق الزراعة إلى أن تنقضي المدة، فلا يجوز منعه منه قبل انقضائها، ولأنه لا خلاف أنه إذا سبق وزرع.. لم يجبر على قلعه قبل انقضاء المدة، فلم يمنع من زراعته.
و [الثاني] : قال الشيخ أبو حامد، وابن الصباغ: يمنع من زراعته؛ لأنه متعد بذلك؛ لأنه لا يستحق منفعة الأرض أكثر من المدة المقدرة، وإذا أراد أن يزرع ما لا يستحصد فيها.. فربما رأى حاكم تبقية الزرع إلى أن يحصد، فيؤدي ذلك إلى الضرر بصاحب الأرض.
فإن بادر وزرع، أو قلنا بالأول: إنه لا يمنع.. لم يكن لصاحب الأرض مطالبته بقلعه قبل انقضاء المدة؛ لأنه ملك منفعة الأرض فيها، فإذا انقضت المدة.. فله أن يطالبه بنقله؛ لأنه لا يفيد تقدير الإجارة بالمدة إلا ذلك، فإن اتفقا على تركه بعارية أو أجرة.. جاز؛ لأن الحق لهما.