دليلنا: أن أكثر ما فيه أن المهر يصير مجهولًا، والجهل بالمهر لا يفسد النكاح عندنا، وقد مضى الدليل عليه.. ويسقط المسمى؛ لأن كل واحد منهما قد حقق بيمينه ما حلف عليه، وليس أحدهما بأولى من الآخر فسقطا. وهل يسقط ظاهرًا وباطنًا، أو يسقط في الظاهر دون الباطن؟ على الأوجه الثلاثة في البيع. وهل ينفسخ بنفس التحالف، أو بالفسخ؟ على ما مضى في البيع.
وترجع المرأة إلى مهر مثلها، سواء كان ذلك أكثر مما تدعيه أو أقل.
وقال أبو علي بن خيران: إن كان مهر المثل أكثر مما تدعيه.. لم تستحق الزيادة على ما تدعيه؛ لأنها لا تستحق ما لا تدعيه.
وقال ابن الصباغ: ينبغي أن يقال - إذا قلنا: ينفسخ في الظاهر دون الباطن ـ: لا تستحق إلا أقل الأمرين: من مهر المثل، أو ما تدعيه.
والمشهور: هو الأول، ولأن بالتحالف سقط اعتبار المسمى، فصار الاعتبار بمهر المثل.
ويبطل ما قالاه بما لو كان مهر المثل أقل مما اعترف الزوج أنه تزوجها به.. فإنها لا تستحق أكثر من مهر مثلها، ولا يلزم الزوج ما اعترف به من الزيادة.
[مسألة تزوج حرة لها أبوان مملوكان له واختلفا فيهما]
وإن تزوج رجل حرة لها أبوان مملوكان له، فاختلف الزوجان، فقال الزوج: أصدقتك أباك، وقالت: بل أصدقتني أمي.. تحالفا، ووجب لها مهر مثلها وعتق الأب؛ لأن الزوج يقر: أنها قد ملكته وعتق عليها، فهو كما لو ادعى على رجل: أنه باعه عبده وأنه أعتقه، وأنكره المدعى عليه.. فإنه يحلف ويعتق العبد. وأما الأم: فلا تعتق؛ لأنها في ملك الزوج، فلا يقبل إقرار الزوجة عليه، ويكون ولاء الأب موقوفًا بينهما؛ لأن كل واحد منهما لا يدعيه. فإن رجع الزوج وصدق الزوجة: أنه أصدقها أمها.. عتقت عليها وكان ولاؤها لها، ولا يقبل قول الزوج بعد ذلك: أنه لم يصدقها أباها؛ لأنا قد حكمنا بعتقه عليه بإقراره، ويكون ولاؤه للزوج.