وإن ثار للخنثى المشكل لبن، وأرضع به طفلًا، وقلنا: إن لبن الرجل لا يتعلق به التحريم.. فقد اختلف أصحابنا فيه:
فقال أبو إسحاق المروزي: يرى النساء، فإن قلن: إن هذا اللبن على غزارته لا ينزل للرجل، وإنما ينزل للمرأة.. زال حكم إشكاله، وحكم بأنه امرأة، وجرى لبنه مجرى لبن المرأة. وإن قلن: قد ينزل هذا اللبن للرجل.. وقف أمر من ارتضع بلبنه.
وقال أكثر أصحابنا: لا يزول إشكاله باللبن، بل يوقف أمر من ارتضع بلبنه، فإن بان أنه امرأة.. تعلق به التحريم، وإن بان أنه رجل.. لم يتعلق به التحريم؛ لأن اللبن قد ينزل للرجل كما ينزل للمرأة.
وحكي عن الشافعي: أنه قال: (رأيت رجلًا يرضع في مجلس هارون الرشيد) .
وإن مات هذا الخنثى قبل زوال إشكاله.. فالذي يقتضي المذهب: أنه لا يثبت التحريم بإرضاعه؛ لأن الأصل عدم ثبوت التحريم.
[مسألة ولد الزوجين ولبنه ينسب لهما]
إذا كان لرجل زوجة، فولدت منه ولدًا.. فإن اللبن النازل للولد لهما، فإن طلقها الزوج وبقي ذلك اللبن.. فهو لهما ما لم يتزوج بغيره، فإن انقضت عدتها من الأول، وتزوجت بآخر.. فاللبن للأول ما لم تحمل للثاني، سواء وطئها الثاني أو لم يطأها، وسواء انقطع ذلك اللبن ثم عاد أو لم ينقطع، وسواء زاد أو نقص؛ لأن اللبن إنما ينزل للولد، ولا ولد هاهنا إلا للأول.
وإن حملت من الثاني.. نظرت:
فإن لم تبلغ إلى حال ينزل فيه اللبن للحمل.. فاللبن للأول أيضًا. وإن بلغت إلى