وفي رواية ابن عمر: أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا ينفرن أحد حتى يطوف بالبيت؛ فإنه آخر نسك في الحج» فمنه دليلان:
أما أحدهما: فقوله: «لا ينفرن أحد» ولا يطلق النفر الجائز إلا بعد الرمي
والثاني: قوله: «فإنه آخر نسك في الحج» .
[فرع طواف الوداع إذا نوى الإقامة بمكة]
] : إذا قدم إلى مكة، فلما فرغ من أفعال الحج، نوى الإقامة بمكة.. فإنه لا وداع عليه وبه قال أبو يوسف.
وقال أبو حنيفة:(إن نوى الإقامة بعد أن حل له النفر الأول.. لم يسقط عنه طواف الوداع) .
دليلنا: أنه غير مفارق للبيت، فلم يلزمه وداعه، كما لو نوى الإقامة قبل زمان النفر.
[فرع رجوع الحاج لطواف الوداع]
] : إذا قلنا: يجب طواف الوداع، فخرج ولم يودع ثم رجع.. نظرت: فإن رجع قبل أن يبلغ مسافة القصر.. لم يستقر عليه الدم؛ لأنه في حكم المقيم. وإذا رجع بعد ما بلغ مسافة القصر من مكة.. ففيه وجهان، حكاهما في " الإبانة "[ق\٢٠٥] ، المشهور: أنه يستقر عليه الدم؛ لأنه قد صار بينه وبين البيت سفر طويل.
وقال عطاء: إن عاد بعدما خرج من الحرم.. لم يسقط عنه الدم. وإن عاد قبل أن يخرج من الحرم.. سقط عنه الدم.
دليلنا: أن الاعتبار بالقرب والبعد، وذلك يعتبر بما تقصر فيه الصلاة، فلا معنى لاعتبار الحرم.