مثل ذلك، فأنفذ عُثمانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لأنه كان له بها رهط وعشيرة، وهم: بَنُو أمية، فلما دخل مكة.. أكرموه، واستمعوا رسالته، وقالوا له: إن اخترت أن تطوف بالبيت.. فطف، فقال: لا أطوف حتى يطوف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فثاروا عليه وهموا بقتله» هذا ترتيب أصحابنا البغداديين. وقال المسعودي [في " الإبانة "] : يجوز عقدها على رد من جاء منهم مسلما من غير تفصيل.
إذا ثبت هذا: فإن عقدت الهدنة على ما لا يجوز، مثل: أن عقدت على بذل مال لهم في غير حال الضرورة، أو على أن لا يردوا ما حصل في أيديهم من أموال المسلمين، أو على أن نرد إليهم من جاءنا من المسلمين والمسلمات، وما أشبه ذلك، أو عقدت الذمة على ما لا يجوز عقدها عليه.. كان العقد فاسدا؛ لقوله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل عمل ليس عليه أمرنا.. فهو رد» ورُوِي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه قال: (ردوا الجهالات إلى السنة) .
«ورَوَى سليمان بن عامر: أنه كان بين معاوية وبين الروم هدنة، فأراد أن يغير عليهم، فقال له عمرو بن عبسة: سمعت النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: " من كان بينه وبين قوم عهد.. فلا يحل عقدة ولا يشدها حتى يمضي أمدها، أو ينبذ إليهم عهدهم على سواء» . فانصرف معاوية ذلك العام.