ثم ينظر فإن قام من النوم، أو شك في نجاسة يده.. فالمستحب: ألا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا. وإن لم يقم من النوم، ولم يشك في نجاسة يده.. فهو بالخيار بين أن يغمس يده في الإناء، وبين أن يفرغ الماء من الإناء على يده.
وهذا كله مستحب غير واجب عندنا.
وقال الحسن: هو واجب؛ لأجل النجاسة، فإن غمس يده في الإناء قبل أن يغسلها.. نجس الماء.
وقال داود:(هو واجب تعبدًا، فإن خالف وغمس يده في الإناء قبل أن يغسلها.. صار الماء مهجورًا، وليس بنجس) .
وقال أحمد:(إن قام من نوم النهار.. فهو مستحب، وإن قام من نوم الليل.. فهو واجب) .
فمن قال: يجب غسل اليدين قبل الوجه.. فقد خالف ظاهر القرآن.
وروى أبو هريرة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إذا استيقظ أحدكم من نومه.. فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يده منه. وروي: أين طافت منه» .
وإنما قال:«أين باتت يده منه» ؛ لأن القوم كانوا يستنجون بالحجارة، وكانت بلادهم حارة، فإذا ناموا.. لم يأمنوا أن تطوف أيديهم على الآثار التي لم تقلعها الحجارة، وفي هذا الخبر فوائد:
منها: أن اليد تغسل ثلاثًا قبل الطهارة.
الثانية: أن ذلك مستحب؛ لأنه قال:«أين باتت يده منه» فتبين أنه احتياط للنجاسة.