وحكى الشيخ أبو إسحاق، وابن الصباغ: أن ذلك وجه لبعض أصحابنا؛ لأنها عادت مواتًا كما كانت، فصارت مباحة كما لو لم يجر عليها أثر ملك.
ودليلنا: ما روى كثير بن مرة، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«من أحيا أرضًا ميتة في غير حق مسلم.. فهو أحق بها» وهذه في حق مسلم.
وروى ابن الزبير، عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«من أحيا أرضًا ميتة ليست لأحد.. فهو أحق بها» ولأن هذه لها مالك، فلا يجوز إحياؤها كما لو كان المالك لها معينًا.
وأما بلاد الشرك: فضربان، عامر وموات:
فأما العامر، وما يحتاج إليه العامر من المرافق: فإنه ملك للكفار؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ}[الأحزاب: ٢٧][الأحزاب: ٢٧] فأضافها إليهم، فدل على: أنهم ملكوها ولا يجوز إحياؤها، وإنما تملك بالقهر والغلبة.
وأما الموات: فإن كان قد جرى عليها ملك لمالك معروف.. لم يجز إحياؤها، كالعامر، وإن لم يجر عليها ملك.. جاز إحياؤها. ومن أحياها ملكها؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أحيا أرضًا ميتة.. فهي له» ولم يفرق.
فعلى هذا: إذا أحيا مسلم مواتًا في أرضهم، ثم ظهر المسلمون على أرضهم فملكوها.. كانت غنيمة، إلا ما أحياه المسلم.
وإن كانت مواتًا قد جرى عليها أثر ملك لهم، ولا يعرف مالكها، فهل يجوز إحياؤها وتملك بالإحياء؟ حكى البغداديون من أصحابنا فيها وجهين، وحكاهما المسعودي [في " الإبانة " ق \ ٣٤٢] قولين: