فإن كان قد حكم الحاكم بسقوط القود.. وجب القود على القاتل، قولاً واحداً، قال ابن الصباغ: سواء علم القاتل بذلك أو لم يعلم؛ لأن بحكم الحاكم زالت الشبهة، وحرم عليه قتله، فهو كما لو قتل غير القاتل.
وإن كان بعد عفو أخيه، وقبل حكم الحاكم بسقوط القود.. نظرت:
فإن لم يعلم بعفو أخيه.. فهل يجب القود على القاتل؟ فيه قولان، كما لو لم يعف أخوه. قال الشيخ أبو حامد: إلا أن الأصح هناك: أن لا يجب عليه القود، والأصح هاهنا: أن عليه القود.
وإن قتله بعد أن علم بعفو أخيه، فإن قلنا: يجب عليه القود إذا لم يعلم بعفو أخيه.. فهاهنا أولى، وإن قلنا هناك: لا يجب عليه القود.. فهاهنا قولان:
أحدهما: يجب عليه القود؛ لأنه قتله ولا حق له في قتله.
والثاني: لا يجب عليه القود؛ لأن على قول مالك لا يسقط القود بعفو أحد الشريكين، فصار ذلك شبهة في سقوط الحد عنه. وهذا ترتيب الشيخ أبي حامد.
وقال المسعودي [في " الإبانة "] : إذا قتله قبل عفو أخيه.. فهل يجب عليه القود؟ فيه قولان.
فإذا قلنا: لا يجب عليه القود.. فله معنيان:
أحدهما: لاختلاف العلماء في جواز استيفاء أحدهما.
والثاني: لأجل حقه في القصاص.
وإن قتله بعد عفو أخيه، وهو عالم بعفوه، فإن قلنا في الأولى: يجب القصاص.. فهاهنا أولى، وإن قلنا هناك: لا يجب.. فهاهنا قولان:
[أحدهما] : إن قلنا: العلة هناك اختلاف العلماء.. فلا قود هاهنا؛ لأن الاختلاف موجود.
و [الثاني] : إن قلنا: العلة هناك حقه في القصاص.. وجب عليه هاهنا القود.