وإن كان غير ذاكر لما حكم به، ولم يشهد عنده بذلك شاهدان، إلا أنه عرف خطه وختمه.. فلا يجوز له أن يحكم له بذلك، وبه قال أبو حنيفة ومحمد.
وقال ابن أبي ليلى وأبو يوسف: يجوز له أن يحكم له به إذا عرف خطه وختمه.
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء: ٣٦][الإسراء: ٣٦ٍ] يعني: لا تقل ما ليس لك به علم، وما لا يذكره ولا شهد عنده به.. ليس له به علم. ولأنه لا يؤمن أن يكون قد زور على ختمه وخطه.
وإن رأى بخطه شهادة له وهو لا يذكرها.. لم يجز له أن يشهد بها، وحكى أصحابنا العراقيون: أن أبا يوسف وافق على ذلك.
وحكى أصحابنا الخراسانيون: أن أبا يوسف قال: يجوز له أن يشهد بذلك.
ودليلنا عليه: ما مضى.
وإن رأى بخط أبيه دينا له بعد موته.. جاز له أن يحلف عليه؛ لأنه يمكنه الرجوع بما حكم به إلى الذكر واليقين؛ لأنه فعل نفسه، وما وجده بخط أبيه لا يمكنه الرجوع إلى اليقين، فكفى فيه الظن.
قال ابن الصباغ: وإن وجد بخط نفسه حقا له على غيره.. لم يجز له أن يطالب به ويحلف عليه، إلا أن يتيقنه وإن وجد له سماعا بخطه ولا يذكره.
قال المسعودي [في " الإبانة "] : فإن لم يغب عنه ذلك.. جاز له أن يرويه؛ لأن الإخبار أوسع من الحكم والشهادة. وإن غاب عنه.. لم يجز له أن يرويه؛ لجواز أن يكون قد زور عليه.
وإن شهد عنده شاهدان للمدعي.. نظرت:
فإن شهدا على إقرار المدعى عليه.. حكم له بشهادتهما؛ لأنهما لو شهدا على إقراره في غير مجلس الحكم. لحكم له بهما، فكذلك إذا شهدا على إقراره في مجلس الحكم.
وإن شهدا على حكمه له بذلك على المدعى عليه وهو لا يذكر ذلك.. لم يجز له أن يحكم له بذلك، وبه قال أبو حنيفة.